کد مطلب:163917 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:149

الامام الحسین القدوة والمثال الرسالی
ان الذی یقرأ دعاء عرفة ویتدبر فیه، ویقرأ خطاب الامام الحسین (ع) فی مكة المكرمة، وفی المدینة، ورسائله الی العلماء التی بعثها، ربما یكتشف جانباً بسیطاً من شخصیه الایمانیة ویعرف لماذا كان الامام الحسین (ع) فی كربلاء یفقد أعزّ أصحابه، وأعز أنصاره وهو یحبهم ویشفق علیهم ولكن مع ذلك حینما فقد كل أصحابه ومعظم أهل بیته وحتی طفله الرضیع، حمل علی القوم یقول حمید بن مسلم: (فو الله ما رأیت مكسوراً قط قتل أصحابه وأبناؤه وأهل بیته أربط جأشاً منه).

فقد كل شیء فی الحیاة ولكنه لم یفقد شیئاً واحداً هو أهم الاشیاء، وهو الله سبحانه وتعالی، فدخل الامام الحسین (ع) المعركة وكلما قتل أحد یقول: «الله أكبر» ویرفع صوته بالتكبیر لكی تعرف نساؤه وأهل بیته من الخیام أنه لا یزال حیاً، لانه أمل النساء والاطفال والأرامل والیتامی الذین لم یكونوا-آنئذ-یملكون أحداً غیر الامام الحسین وكل من كان یقتل ویستشهد فی المعركة كانت تقول زوجته الارملة، وأولاده الیتامی، لابأس ان قتل أبونا أوقتل أخونا وقتل أزواجنا مادام الامام الحسین (ع) موجود، هو سبیلنا الفرید والعماد الذی نأوی الیه، لذلك كان یرفع صوته لهم بالتكبیر وهو یخوض تلك اللجج من جیوش الاعداء الذین أحاطوا به من كل جانب، والبعض قال ان عددهم (30 ألف مقاتل، وقال البعض ان عددهم نصف ملیون) ولكن حینما تتصور (30 ألف فارس مسلح) أمام رجل واحد هو الذی یحاربهم، وینكشفون أمامه انكشاف المعزی عن الاسد، انه لشیء عجیب!!.

وهنا لا نرید أن نبحث كل الجوانب المأساویة فی قضیة الامام الحسین (ع) وكیف رضخ بالحجارة، ورمی بالسهام، وضرب بالسیوف، وقد قاموا بكل الاعمال غیر الانسانیة، والجرائم بحق الامام الحسین (ع) ومع ذلك كشف القوم حتی دخل المشرعة، یقول الرواة:

(كان هو عطشاناً فأدخل الفرس رأسه فی الماء لیشرب الماء فقال الامام الحسین (ع) أنت عطشان وأنا عطشان فاشرب الماء، وكأن الفرس أحس بذكاءه الخاص ونباهته وخصوصاً الفرس العربی الاصیل، وفرس الامام الحسین (ع) كان فرس النبی (ص)، فرفع الفرس رأسه من الماء، والذی اغترف الامام الحسین-علیه الصلاة والسلام-مقداراً من الماء لیشرب، فقال له رجل: یا أبا عبد الله أتشرب الماء والخیل أحاطت بحرمك!! رمی الماء، وعاد لیتأكد من سلامة حرمه، فكشفهم عن حرمه ثم عاد الی المعركة، وعادوا مرة أخری، وهكذا كلما انهزموا أمامه عادوا الی حرمه، لیهددوه بأسرهم، فیعود الی حرمه لا یعرف هل یحارب أم یدافع عن حرمه وهو یمنی الارامل والیتامی فی مخیمه بالماء. عندها رضخوه بالحجارة فأصابت حجارة جبهته الكریمة كما أصاب السهم مرة جبهته، ثم أصیب اصابات بالغة).

یقول الرواة:

(فی اللحظات الاخیرة من حیاة الامام الحسین-علیه الصلاة والسلام-تعرض جسده بما لا یقل عن مائة ضربة من مختلف الاسلحة، وجسمه الشریف أصبح كالقنفذ من كثرة نبت السهام علیه، لكن مع كل ذلك وفی كل تلك اللحظات یقول:

«هوّن علیّ ما نزل بی بعین الله).

ان الامام الحسین (ع) حینما یقول «الله أكبر» فان قلبه یتجدد استقامة وصبراً وصموداً، وحینما هوی الی الارض لا یجد كلمة یعبر بها عن واقعه إلا تلك الكلمة التی تكشف طبیعته وشخصیته وتصبغ حركته كلها بصبغة الایمان قال:

«رضاً برضاك، لا معبود سواك».

هذه هی الكلمة الوحیدة التی قالها الامام الحسین-علیه الصلاة والسلام-فی تلك اللحظات یقول المؤرخون: حینما وقع الامام الحسین (ع) وبه تلك الجراحات الكثیرة وحوله الاعداء، جمع حفنة من التراب جعلها كالوسادة، ووضع رأسه علیها وأخذ یناجی ربه وكأنه فی طرف والدنیا كلها فی طرف آخر، ولا یهمه إلا كسب رضا الله سبحانه وتعالی.. لیؤكد مسیرته الالهیة الخاصة.